ما هي تقنية البلوكتشين وكيف تعمل؟
على الرغم من أن تقنية البلوكتشين تحدث ثورة في الطريقة التي نرى بها أي نوع من المعاملات الرقمية، ولكن التكنولوجيا بحد ذاتها ليست جديدة.
وللوهلة الأولى، قد تبدو البلوكتشين مثل السجلات الأخرى للمعلومات التي يتم الاحتفاظ بها من قبل شبكة من المستخدمين، مثل ويكيبيديا. وتحمل هذه التقنية في جوهرها ميزات رئيسية سنذكرها في السطور التالية.
البلوكتشين تطبيق مبتكر للتكنولوجيات القديمة
على الرغم من أن مفهوم البلوكتشين المستخدم في العملات المشفرة تم تقديمه لأول مرة في ورقة ساتوشي ناكاموتو البيضاء لعام 2008، فإن التكنولوجيا نفسها ليست جديدة، حيث تعد البلوكتشين مزيجا مبتكرا من ثلاث تقنيات حالية: تشفير المفاتيح الخاصة، وشبكة موزعة ذات دفتر الأستاذ المفتوح، وبروتوكولات التحفيز.
- تشفير المفتاح الخاص
يعتمد مرجع الهوية الرقمية الآمنة لكل مشارك على مجموعة من مفاتيح التشفير العام والخاص. معا، تشكل توقيعا رقميا يقوم مصادقة المستخدم. والخطوة التالية هي التفويض، طريقة للتحقق من أن المستخدم لديه الموارد والأذونات المناسبة لإكمال معاملة معينة. يتم تحقيق التفويض من خلال شبكة موزعة من نظير إلى نظير.
- شبكة موزعة
على عكس قواعد البيانات المركزية، لا تحتوي البلوكتشين على خادم رئيسي مع ملف رئيسي يحمل جميع البيانات. وبدلاً من ذلك، فإن البلوكتشين عبارة عن شبكة موزعة حيث يستخدم كل عميل أو عقدة، التحقق الرياضي لتأكيد المعاملات التي يتم بثها بواسطة العقد الأخرى. وعندما تصل كل عقدة إلى نفس الاستنتاج وتحديث السجل بشكل مستقل، يصبح الإجماع الموزع للشبكة سجلا رسميا غير فعال. وبهذه الطريقة، تلغي البلوكتشين الحاجة إلى طرف ثالث موثوق به لتأمين العلاقات الرقمية وتقلل من خطر الفشل المركزي.
- المعاملات
عندما يبدأ المستخدم في معاملة (مثل إرسال البيتكوين)، يتم دمج مفتاحه الخاص مع المفتاح العام للمستلم، وكذلك الطابع الزمني والوصف ومعلومات المعاملة ذات الصلة الأخرى. ويتم بث كتلة البيانات هذه إلى الشبكة والتحقق منها من خلال إجماع العقد التي شهدت هذه الصفقة. وأخيرا، تتم إضافة المعاملة إلى السجل الرسمي.
- البروتوكول
كلما زاد عدد العقد التي يمكن أن تتحقق من المعاملة، كلما كانت الشبكة أكثر أمانا. تستخدم البلوكتشين طرقا مختلفة لإنشاء حوافز وتحقيق إجماع موزعة، بعضها يعتمد على إثبات العمل، وبعضها على إثبات الحصة.
ميزات تقنية البلوكتشين
1. الأمان والاستقرار
تعتبر البلوكتشين آمنة ومستقرة، إذ يعتبر شبه مستحيل فقدان البيانات حتى لو تعرضت إحدى الكتل ضمن السلسلة للإختراق. وهذا بسبب النظام الفريد الذي تقدمه التقنية، إذ يتم تخزن البيانات في عدة كتل ضمن عدة عقد في أماكن مختلفة، وهذا بدوره يضمن أمن تلك البيانات وحمايتها من الفقدان.
2. السرعة والكفاءة
ساهمت تقنية بلوكتشين في حذف دور السيوط في المعاملات، إذ أصبحت تُنفذ من نظير إلى نظير بشكل مباشر، وهذا ساهم في تقليل الوقت اللازم نسبياً لتنفيذ تلك المعاملات، فأصبحت تتم في وقت قصير نسبياً، وهذه أيضاً من ضمن أهم مميزات البلوكتشين. كما ساهم أيضاً استخدام العقود الذكية في أتمتة بعض العمليات لتتم بشكل آلي عند استيفاء شروط محددة، وهذا ساهم في تعزيز الكفاءة بتقليل الجهد والوقت اللازم لتنفيذ تلك العمليات، مع عدم ترك أي فرصة للغش والتلاعب والخداع.
3. التكلفة المنخفضة
من أهم الأمور التي ساهمت في تعزيزها تكنولوجيا البلوك شين هي حذف دور الوسيط (الطرف الثالث) في المعاملات، على سبيل المثال عند استخدام التقنية لغرض الحوالات المالية نجد أنها تتم مباشرة بين المرسل والمستقبل، ما يساهم في حذف تكلفة الطرف الوسيط، لتكون بذلك إجمالي المعاملات التي تتم عبر البلوك تشين أرخص من حيث التكلفة مقارنةً بالتكنولوجيات الأخرى.
4. اللامركزية
تعتبر اللامركزية من ضمن أهم ميزات البلوكتشين، بل يمكن القول إن الفكرة الأساسية للتقنية تتمحور حول تنفيذ المعاملات مباشرة بين الأطراف ذات الصلة مع حذف أي دور للوسطاء، وهذا كان له أثر ايجابي على التكلفة والسرعة والكفاءة. في نفس السياق يُشار إلى أنه وفي الأنظمة التقليدية يتم تخزين البيانات ضمن حواسيب ضخمة موجودة في مكان واحد. أما في حالة البلوك تشين فنجد أن البيانات يتم توزيعها على عدة عقد داخل الشبكة والموجودة في مواقع مختلفة.
وفقاً لذلك نجد أن البيانات في حالة الأنظمة التقليدية مهدة بالضياع والفقدان نتيجةً لمؤثرات خارجية كالحريق مثلاً، أو نتيجة لتلاعب إو إهمال شخصي. أما في حالة البلوكتشين فلا يمكن لكل ذلك أن يحدث، بسبب وجود عدة نسخ من البيانات موزعة على جميع المشاركين من خلال مواقع مختلفة، لذلك في حال تعرضت واحدة من النسخ للتهديد يتم حذفها دون التأثير على النسخ الأخرى.
5. تسهيل وتبسيط التحويلات المالية
لقد أصبحت الحوالات المالية أبسط وأسهل وأسرع في التنفيذ بسبب البلوكتشين، ومثال ذلك التحويلات التي تحدث عبر شبكة الإيثريوم، إذ تتم بسرعة عالية في وقت قصير نسبياً وبتكلفة منخفضة دون وجود أي فرصة للتلاعب. على العكس من ذلك فإن الحولات التي تتم عبر البنوك التقليدية تستغرق وقتاً أطول قد يصل إلى 5 أيام عمل، عدا عن تكلفتها المرتفعة وكونها عرضة للتلاعب والتزوير بسبب دور الطرف الوسيط بين المرسل والمستقبل.
6. الأتمتة والعقود الذكية
من أهم ميزات البلوكشين أنها أسست لما يُعرف بالعقود الذكية، والتي يتم فيها أتمتة العمليات بحيث تتم بشكل آلي عند استيفاء شروط محددة دون الحاجة لتدخل بشري، وهذا يعزز الكفاءة والسرعة ويمنع أي فرصة للغش والخداع والتلاعب. الآن تُستخدم العقود الذكية في مختلف مجالات الحياة مثل العقارات والتصويت في الإنتخابات وفي سلاسل التوريد، وتقوم بتنظيم جميع أنواع التعقدات المالية والإدارية والقانونية.
