أخبار العملات الرقمية

التخزين اللامركزي: مفهومه وفوائده في عالم التقنية والأمان الالكتروني

على عكس خوادم التخزين المركزية التقليدية التي تُديرها جهة أو منظمة واحدة، تحتفظ أنظمة التخزين اللامركزية بملفات البيانات داخل مجموعة من العقد الموزعة جغرافياً والتي تتصل بشبكات من شخص لشخص (P2P).

استخدام تقنية البلوكتشين للحفاظ على شبكات التخزين اللامركزية يُمكن أن يُساعد في زيادة الأمان من خلال ضمان حماية ملفات البيانات من الأخطاء والمخاطر من الأطراف المقابلة ونقاط الضعف الفردية.

في عام 2006، صاغ عالم الرياضيات البريطاني “كلايف هومبي” عبارة “البيانات هي النفط الجديد” وأصبحت هذه العبارة ذات أهمية أكبر من أي وقت مضى في ظل عصر تترابط فيه بياناتنا الشخصية بشكل كبير مع الخدمات المقدمة عبر الإنترنت.

ففي يومنا هذا، تُخزَّن البيانات الشخصية التي تشكل هويتنا الرقمية بطريقة مركزية، في حين أن حلول التخزين المركزية يسهل الوصول إليها بشكل أكبر، لا يحظى المستخدمون بالتحكم الكامل في بياناتهم التي يرغبون في مشاركتها ولا في كيفية مشاركتها، مما يجعلها أكثر عرضة لفقدان البيانات وانتهاكات الخصوصية والهجمات الإلكترونية.

ومع ذلك، فقد أدى ظهور Web3  إلى تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض عبر الإنترنت في ظل تنامي تقنية البلوكتشين التي تلعب دوراً كبيراً في هذا التحول.

تعمل التطبيقات المدعومة بتقنية البلوكتشين بشكل مستقل دون الحاجة إلى جهات خارجية موثوق بها، لتؤسس شبكة إنترنت لامركزية حيث يمكن للمستخدمين التحكم في المزيد من بياناتهم وتجاربهم عبر الإنترنت، ومع ظهور التخزين اللامركزي، يمكن للمستخدمين الوصول إلى بياناتهم وتخزينها بطريقة موزعة بدلاً من تخزينها على خادم مركزي واحد.

التخزين المركزي و التخزين اللامركزي

التخزين المركزي

كان تخزين البيانات المركزي هو الطريقة الافتراضية المستخدمة لسنوات عديدة، وتتضمن طريقة التخزين هذه وجود جهة خارجية تُدير البيانات وتحتفظ بها على خادم واحد أو مجموعة من الخوادم والتي عادةً ما تكون في نفس المكان.

تعمل هذه الطريقة على تسهيل الوصول إلى البيانات وإدارتها، فالتخزين السحابي على سبيل المثال، من الحلول المركزية النموذجية التي يتم فيها الاحتفاظ بالبيانات على خوادم تديرها مؤسسة واحدة مثل Amazon أو Google أوDropbox.

وفي ما يتعلق بأمان البيانات في التخزين المركزي للبيانات، عادةً ما يتم تشفير البيانات باستخدام تقنية (SSL 128  بت) عند نقلها من جهاز الكمبيوتر الخاص بك إلى خادم تخزين مركزي، كما يمكن أيضاً تشفيرها باستخدام (تشفير 256 بت) عندما تكون على خادم التخزين المركزي.

التخزين اللامركزي

ينطوي تخزين البيانات المركزي على بعض القيود بغض النظر عن مدى صرامة الإجراءات الأمنية، تحتفظ منصة تخزين البيانات بمفاتيح التشفير، مما يثير مخاوف محتملة تتعلق بإمكانية الوصول والشفافية والتحكم، هذا بالإضافة إلى إمكانية استهداف المخترقين نقطة تعطل واحدة بسهولة لمحاولة الوصول إلى أكبر قدر من البيانات نظراً لأن جميع البيانات يتم حفظها في مكانٍ واحد.

من ناحية أخرى، تخزّن الأنظمة اللامركزية البيانات على شبكة أجهزة كمبيوتر موزعة جغرافياً بدلاً من تخزينها في مكانٍ واحد، وهذا يُتيح إمكانية تخزين قدر كبير من البيانات دون الاعتماد على خادم مركزي أو جهة مركزية، مما يُساعد في التخلص من التحديات المتعلقة بالرقابة المحتملة وانتهاك الخصوصية.

كيف يعمل التخزين اللامركزي؟

يتضمن التخزين اللامركزي تخزين البيانات عبر العديد من أجهزة الكمبيوتر أو العقد المتصلة بشبكة (P2P) مثل BitTorrent  أو بروتوكول نظام الملفات (IPFS).

يتم تقسيم البيانات التي يتم تحميلها على نظام تخزين لامركزي إلى أجزاء صغيرة وإرسالها إلى عقد متعددة عبر الشبكة ليتم تخزينها، وإذا كنت بحاجة إلى استعادة ملف بياناتك، فستقوم الشبكة بتجميع مكونات البيانات الموزعة من العقد الفردية التي تخزنها وتعيد تجميعها كي تقوم بتنزيلها.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للعقد في نظام التخزين اللامركزي عرض الملفات أو تغييرها لأن آلية التجزئة المشفرة تقوم تلقائياً بتشفير جميع البيانات المخزنة على الشبكة.

يجب على المستخدمين استخدام مفاتيحهم الخاصة للوصول إلى بياناتهم ومنع الكيانات غير المصرح لها من استرداد المعلومات.

تفاوت المزايا بين التخزين اللامركزي و التخزين المركزي

يمكن للتخزين اللامركزي للبيانات أن يخفف من بعض المشكلات التي تواجهها خوادم التخزين المركزية التقليدية، في ما يلي نذكربعض المزايا التي تمتاز بها شبكات التخزين اللامركزية عن نظيراتها المركزية.

1 – تحسين مستوى الأمان والخصوصية

شبكات التخزين المركزية التقليدية أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية لأن جميع بياناتها محفوظة في مكان واحد، وعلى عكس ذلك، توفر أنظمة التخزين اللامركزية مستوى أكبر من الأمان لأن بياناتها موزعة على عُقد متعددة وليست مُخزنة على خادم واحد مما يجعل من الصعب على المخترقين اقتحام شبكات التخزين اللامركزية واستخراج المعلومات، وبالإضافة إلى ذلك، لا يتعين على المستخدمين تقديم معلومات شخصية لتخزين البيانات في نظام لامركزي مما يوفر مستوى إضافي من إخفاء الهوية.

2 – لا توجد نقطة تعطل واحدة

في حين أنّ شبكات تخزين البيانات المركزية يسهل الوصول إليها وإدارتها، فهي أيضاً أكثر عرضة لوقوع أخطاء عند إرسال البيانات مما قد يؤدي إلى فقدان البيانات.

تتكون شبكة التخزين اللامركزية من عدة عُقد متصلة، مما يوفر مستوى أكبر من تدارك الأخطاء والازدواج في العمل بحيث يظل بإمكان المستخدمين الوصول إلى البيانات من العُقد الأخرى على الشبكة حتى إذا تعطلت عقدة واحدة.

3 – سرعة أكبر لتنزيل البيانات

يمكن أن يواجه التخزين المركزي ازدحامات إذا كانت الحركة على الشبكة أكثر من إمكانيات الشبكة، وبفضل استخدام تقنية البلوكتشين يمكن للتخزين اللامركزي أن يقلل من استهلاك النطاق الترددي لأن العقد التي تخزن ملفات البيانات موزعة على مستوى العالم.

4 – انخفاض التكلفة

مع وجود العديد من العقد التي تستضيف البيانات، توفر أنظمة التخزين اللامركزية مساحة تخزين أكبر من الأنظمة المركزية، يؤدي هذا عادةً إلى انخفاض التكاليف مقارنةً بأنظمة التخزين المركزية الحالية وخاصةً للمستخدمين الصغار الذين لا يمكنهم الاستفادة من وفورات الحجم.

5 – تعزيز تكامل البيانات

يشير تكامل البيانات إلى قدرة البيانات على الحفاظ على نفس خصائصها طوال دورة حياة عملها، حيث يُعدّ الحفاظ على تكامل البيانات تحدياً مع أنظمة التخزين المركزية لأن البيانات تصبح غير متوفرة إذا حدث شيء ما للخادم أو تم نقل صفحة الويب إلى موقع آخر.

مع التخزين اللامركزي، يمكن الوصول للبيانات لأجل غير مسمى، ومن خلال آلية التجزئة تظل البيانات سليمة دون مساس.

ما هي حدود التخزين اللامركزي؟

على الرغم من أن التخزين اللامركزي للبيانات يمكن أن يكون له مزايا أكبر من الأنظمة المركزية، إلا أنه توجد أيضاً بعض القيود التي قد تتعارض مع المزايا المذكورة أعلاه.

على سبيل المثال، نظرا لأن أنظمة التخزين اللامركزية تعتمد على شبكة من العقد لتخزين البيانات واستعادتها، يمكن أن يكون زمن الوصول أبطأ من أنظمة التخزين المركزية.

وبالمثل، قد يكون التخزين اللامركزي أكثر أماناً من الأنظمة المركزية من منظور ملكية البيانات، ولكنه ليس محصناً ضد مخاطر الأمان والمخاطر الأخرى. يمكن أن تُعرّض العُقد غير الآمنة أمان البيانات المخزنة على الشبكة للخطر، بالإضافة إلى ذلك، تعتمد أنظمة التخزين اللامركزية على البنية التحتية للشبكة حتى تعمل بشكل صحيح لذلك يمكن أن يتأثر توافر البيانات المخزنة على الشبكة في حالة تعطل الشبكة.

يوجد أيضاً ضعف في المعايير القياسية الموحدة في التخزين اللامركزي، قد تستخدم البروتوكولات المختلفة طرق تشفير وآليات مصادقة مختلفة مما يجعل من الصعب ضمان إمكانية التشغيل البيني، حيث لا تزال المخاطر المرتبطة بالتشفير وإدارة المفاتيح في أنظمة التخزين اللامركزية دون حل.

والجدير ذكره، أن التخزين اللامركزي لا يزال تقنية ناشئة لم يتم استخدامها على نطاق واسع بعد، إلا أنه يمكن أن يساعد في دفع ثورة Web3 إلى الأمام. نظرا لأن المستخدمين يبحثون عن آلية تخزين بيانات أكثر كفاءة وأماناً وبأسعار معقولة، فقد يتم تعميم المنصات اللامركزية مثل BitTorrent  في وقت أقرب مما هو متوقع.

علاوة على ذلك، قد يؤدي تكرار اختراق البيانات وارتفاع تكاليف التخزين والرقابة على مساحة تخزين البيانات التقليدية إلى توجه المزيد من الأشخاص إلى المنتجات اللامركزية.

ومع ذلك، في حين أن التخزين اللامركزي قد يساعد في حل بعض مشكلات التخزين المركزي، إلا أنه لا يزال يعاني من بعض مكامن القصور الخاصة به. في الوقت الحالي، يبقى التخزين المركزي حلاً مثالياً للعديد من الأشخاص وسيحتفظ بحصة كبيرة في السوق حتى مع زيادة شعبية التخزين اللامركزي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى